حمدان اليوسفي.. أطلق عليه الإمامُ الخليلي «سِيبَوَيْه عُمان» لتضلّعه في علم النحو
من شعراء عمان في القرن الـ 14 الهجري -
لغزارة الإنتاج الفكري العماني ظهر النسّاخون العمانيون ليتولوا أمر الكتابة، سواء كان ذلك نقلا عن المؤلفين، أو بإملاء العلماء لهم، أو نسخا لكتب قديمة، أو أنهم كعلماء نسخوا لأنفسهم.
وتميز النسّاخ العمانيون بأنهم على قدر من الثقافة وجودة الخط فقد أعملوا جهدهم وتفننوا في الخطوط وفي تمييز بعض الكتابات والكتب بألوان معينة ونقوش وتقسيمات، ومع وجود النسّاخين كان للعلماء المؤلفين باع كبير في نسخ الكتب لأنفسهم دون الحاجة إلى نساخ خاص.
حلقاتنا في ملحق (روضة الصائم) لهذا العام اخترناها لقارئنا الكريم أن تكون عن (النسّاخ العمانيين) ليتعرف على الدور الكبير والجهد الحثيث الذي قام به الأجداد لنقل إرثهم وإنتاجهم الفكري عبر القرون الماضية لتستفيد منه الأجيال جيلا بعد جيل.
ولقد كان لـ «المديرية العامة للآداب - دائرة المخطوطات» بوزارة التراث والثقافة تعاون كبير في هذا الجانب، حيث زودتنا بالمخطوطات التي حملت خطوطهم الفريدة كما استعنا بـ (معجم الفقهاء والمتكلمين الإباضية - قسم المشرق) عن سير هؤلاء النسّاخ.. فكانت هذه السلسلة من الحلقات.
الشيخ أبو يوسف حمدان بن خميس بن سالم اليوسفي، شخصية علمية أدبية عمانية ملأت الدنيا وشغلت الناس، عالم وأديب ونحوي أريب وشاعر بليغ عاش في أذهان أهل العلم والأدب لأكثر من 90 عاما واشتهر عندهم بـ«سِيبَوَيْه عُمان»، حيث أطلق عليه هذا اللقبَ الإمامُ الخليليُ، لتضَلُّعِه في علم النحو، تشبيها له في علمه بالنحو بالعالم النحوي الكبير سِيبَوَيْه.
خرج من وطنه السيب مهاجرا لطلب العلم فنزل أولا في بلد فنجا بساحة الشيخ ناصر بن محمد الفارسي أحد كرماء العرب وفحولهم وكان ولده الشيخ العالم منصور بن ناصر هو المنظور إليه في العلم فقربه وأدناه إليه وبقي يتعلم عنده زمانا طويلا ثم انتقل إلى بلد سمائل فسكن بجوار الإمام الخليلي رحمة الله عليه، فأحسن إليه وجعله مدرسا في علاية سمائل حتى مضت عليه سنين في التدريس ومل القيام في سمائل، فانتقل منها إلى بلدة الفرفارة من أعمال بلد بدبد ولم يرزق السعة في المعيشة، بل هو من صغره إلى آخر عمره في ضيق وضنك منها ينهال عليه الإعسار وتحيط به الديون ولا يدان إلا لحاجة ماسة؛ لأنه قنوع صبور وقد تردد إلى حج بيت الله الحرام بالأجرة مرات وتوفاه الله بالمدينة المنورة في أثناء حجة استأجرها ودفن بالبقيع وذلك ليلة سادس الحج عام 1384هـ.
يظهر في خاتمة المخطوط المرفق «وكان تمام تسويد شرح هذه الأرجوزة ليلة الأربعاء الإثني عشر يوما بقيت من شهر شعبان من سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة وألف هجرية، وقد وقع الفراغ من نسخه يوم ستة وعشرين من شهر ربيع الأول من سنة 1377 من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكاها بقلم مؤلفه العبد الفقير إلى الله حمدان بن خميس اليوسفي العماني».